فصل: تفسير سورة القارعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير السعدي المسمى بـ «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» **


 تفسير سورة القارعة

‏[‏وهي‏]‏ مكية

‏[‏1 ـ 11‏]‏ ‏‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {‏الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ‏}‏

‏{‏الْقَارِعَةُ‏}‏ من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك، لأنها تقرع الناس وتزعجهم بأهوالها، ولهذا عظم أمرها وفخمه بقوله‏:‏ ‏{‏الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ‏}‏ من شدة الفزع والهول، ‏{‏كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث‏}‏ أي‏:‏ كالجراد المنتشر، الذي يموج بعضه في بعض، والفراش‏:‏ هي الحيوانات التي تكون في الليل، يموج بعضها ببعض لا تدري أين توجه، فإذا أوقد لها نار تهافتت إليها لضعف إدراكها، فهذه حال الناس أهل العقول، وأما الجبال الصم الصلاب، فتكون ‏{‏كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ‏}‏ أي‏:‏ كالصوف المنفوش، الذي بقي ضعيفًا جدًا، تطير به أدنى ريح، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ‏}‏ ثم بعد ذلك، تكون هباء منثورًا، فتضمحل ولا يبقى منها شيء يشاهد، فحينئذ تنصب الموازين، وينقسم الناس قسمين‏:‏ سعداء وأشقياء، ‏{‏فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ‏}‏ أي‏:‏ رجحت حسناته على سيئاته ‏{‏فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ‏}‏ في جنات النعيم‏.‏

{‏وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ‏}‏ بأن لم تكن له حسنات تقاوم سيئاته‏.‏

‏{‏فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ‏}‏ أي‏:‏ مأواه ومسكنه النار، التي من أسمائها الهاوية، تكون له بمنزلة الأم الملازمة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا‏}‏ ‏.‏

وقيل‏:‏ إن معنى ذلك، فأم دماغه هاوية في النار، أي‏:‏ يلقى في النار على رأسه‏.‏

‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَه‏}‏ وهذا تعظيم لأمرها، ثم فسرها بقوله هي‏:‏ ‏{‏نَارٌ حَامِيَةٌ‏}‏ أي‏:‏ شديدة الحرارة، قد زادت حرارتها على حرارة نار الدنيا سبعين ضعفًا‏.‏ نستجير بالله منها‏.‏